تعد البيئة الحضرية المتنامية تحدياً كبيراً أمام العديد من المدن حول العالم، مما يستدعي ضرورة التوازن بين التنمية الحضرية والاستدامة البيئية. في هذا السياق، أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مشروع الرياض الخضراء، الذي يعد أحد المشاريع الكبرى لتحقيق رؤية السعودية 2030. هذا المشروع ليس مجرد خطة لتجميل المدينة، بل هو رؤية شاملة لتحسين جودة الحياة. كذلك لتعزيز الاستدامة البيئية، وتحفيز الاقتصاد المحلي.
مشروع الرياض الخضراء هو جزء من رؤية شاملة تهدف إلى رفع نصيب الفرد من المساحات الخضراء وزيادة إجمالي المساحات الخضراء في مدينة الرياض. كما يعكس المشروع التزام المملكة بتحقيق استغلال أمثل للمياه المعالجة في أعمال الري. و ذلك يساهم في تحسين جودة الهواء، وخفض درجات الحرارة، وتشجيع نمط حياة صحي ونشط للسكان.
من أبرز مكونات مشروع الرياض الخضراء هو برنامج التشجير الواسع النطاق. والذي يهدف إلى زراعة أكثر من 7.5 مليون شجرة في أنحاء مختلفة من المدينة. تشمل خطة التشجير:
حدائق الأحياء: إنشاء 3,330 حديقة حي، لتوفير مساحات خضراء قريبة من مناطق السكن.
المتنزهات العامة: إنشاء 43 متنزه عام لتكون واحات خضراء داخل المدينة.
المساجد والمدارس: تشجير 9,000 مسجد و6,000 مدرسة، لخلق بيئات تعليمية وروحية أكثر صحة وهدوء.
مواقف السيارات والمرافق الحكومية: تخصيص 2,000 موقع لمواقف السيارات و1,670 منطقة ومنشأة حكومية لزيادة المساحات الخضراء.
المنشآت الصحية والجامعات: زراعة الأشجار في 390 منشأة صحية و64 جامعة وكلية.
الطرق والشوارع والأحزمة الخضراء: تنفيذ تشجير على طول 16,400 كم من الطرق والشوارع و1,100 كم من الأحزمة الخضراء.
تتضمن أعمال مشروع الرياض الخضراء تنفيذ مجموعة من الحدائق الكبرى مثل حديقة العروبة، التي تبلغ مساحتها 754 ألف متر مربع. وتتميز بتصميم عالمي يضم مسار بانورامي بطول 3 كيلومترات وارتفاع 12 متر يوفر إطلالة على معالم المدينة. ستشمل الحديقة زراعة أكثر من 600 ألف شجرة وشجيرة، ومسطحات مائية دائمة، ومسارات للمشي بطول 14 كم. بالإضافة إلى مرافق رياضية وساحات مفتوحة للفعاليات.
يستخدم المشروع 72 نوعاً مختاراً من الأشجار المحلية والملائمة لبيئة الرياض، مما يعزز التنوع البيولوجي ويضمن ملاءمة الأشجار للظروف المناخية المحلية.
لضمان نجاح المشروع، يتم إنشاء شبكة ري جديدة ترفع معدل استخدام المياه المعالجة إلى مليون متر مكعب يومياً. بالإضافة إلى شبكة مشاتل لتغذية المشروع بالشتلات والأشجار. كما يتم تطوير التشريعات والضوابط العمرانية لتعزيز التشجير في المشاريع العامة والخاصة، وتحفيز المجتمع على المشاركة في المبادرات التطوعية ضمن المشروع.
من المتوقع أن يساهم المشروع في خفض درجة حرارة الهواء بمقدار 1.5 إلى 2 درجة مئوية على مستوى المدينة، وخفض درجة حرارة الوهج المنعكس من سطح الأرض ما بين 8 إلى 15 درجة في مناطق التشجير المكثف. كما سيساهم في خفض مستويات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تتراوح بين 3% إلى 6% وزيادة معدل الأكسجين والرطوبة في الهواء، مما يحسن جودة الهواء بشكل عام.
يساهم المشروع في خفض استهلاك الطاقة بمعدل 650 جيجا واط / ساعة سنوياً، من خلال تشجيع استخدام الأسقف والجدران الخضراء في المباني، مما يعزز من كفاءة الطاقة ويقلل من الحاجة للتبريد الاصطناعي.
يساهم المشروع في تعزيز النواحي الجمالية للمدينة، مما يشجع السكان على ممارسة أنماط تنقل صحية مثل المشي وركوب الدراجات. ويساهم في تحسين مؤشرات جودة الحياة في المدينة.
من المتوقع أن يحقق المشروع عائد اقتصادي للمدينة بنحو 71 مليار ريال بحلول عام 2030، من خلال تقليص نفقات الرعاية الصحية واستهلاك الكهرباء، وترشيد هدر مياه الشرب في الري، ورفع قيمة العقارات، وتوفير فرص استثمارية جديدة في مجالات المشاتل والبستنة والتشجير وتصميم وتنسيق الحدائق وأعمال الري.
يساهم المشروع في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 من خلال تحقيق الاستدامة البيئية في المدينة، وبناء مجتمع حيوي يتمتع بنمط معيشة صحي، وتعزيز الكفاءة الاقتصادية للمدينة. كما يساهم في تحقيق أهداف برنامج التحول الوطني وبرنامج جودة الحياة، بما في ذلك زيادة المساحة الخضراء، وخفض هدر المياه، وتحسين كفاءة تصريف السيول، ورفع نسبة استخدام المياه المعالجة.
يساهم المشروع في الحفاظ على المناطق الطبيعية، وزيادة التنوع الإحيائي داخل المدينة وفي محيطها، مما يعزز من بيئة صحية ومستدامة تلبي احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية.
مشروع الرياض الخضراء هو رؤية طموحة ومستدامة تهدف إلى تحسين جودة الحياة في مدينة الرياض من خلال زيادة المساحات الخضراء، وتحقيق الاستدامة البيئية، وتعزيز الاقتصاد المحلي. يعد المشروع مثالاً رائعاً على كيفية تحقيق التوازن بين التنمية الحضرية والاستدامة البيئية. ويعكس التزام المملكة بتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.
يمكننا مساعدتك في تحقيق حلمك بمنزل جديد