يكتسب البناء الأخضر في السعودية زخماً متزايداً في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه. ليس فقط بسبب التحديات البيئية المتزايدة، بل أيضاً نظراً للحاجة الملحة إلى استخدام الموارد بكفاءة أكبر. أدى تفشي وباء كوفيد-19 إلى تعطيل العديد من مشاريع البناء في المنطقة، مما أثر على الجداول الزمنية والميزانيات، وأجبر الشركات على إعادة النظر في أساليب البناء.
مع عودة قطاع البناء للعمل بكامل طاقته، فإن الأولوية الآن هي إتمام المشاريع المتوقفة مع تقديم عروض جديدة للشركات. هذه الشركات تدرك أن المنافسة لا تتعلق فقط بالجودة والسرعة، بل أيضاً بالاستدامة البيئية. إذ يتم توجيه اهتمام كبير نحو تقليل الهدر من المواد وتقليل التأثير البيئي للمشاريع.
البناء الأخضر لم يعد مصطلحاً عابراً؛ بل أصبح ضرورة ملحة في عالم يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالمناخ والموارد. في المملكة العربية السعودية، حيث يتزايد عدد السكان وتزداد حاجتهم إلى المدن المستدامة. يُعتبر البناء الأخضر أداة فعالة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام. كما أن قطاع البناء السعودي يتعافى بشكل ملحوظ بعد أزمة الجائحة، مع توقعات بارتفاع الإنتاج بنسبة 3.3٪ في هذا العام.
تبني ممارسات البناء المستدام يعزز من فرص الشركات في جذب الاستثمارات المحلية والدولية. ويمنحها القدرة على المنافسة العالمية. والمملكة، التي تضع الاستدامة في صميم رؤية 2030، تسعى إلى تحقيق التوازن بين التنمية البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
على الرغم من التحديات التي واجهها قطاع البناء خلال العام الماضي، هناك دلائل على انتعاشه في عام 2021 وما بعده. و يُتوقع أن ينمو إنتاج البناء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 1.9٪ هذا العام و4.1٪ في العام المقبل. السعودية في طريقها لتحقيق انتعاش قوي، لكن مع التوجه المتزايد نحو تقليل الهدر وكفاءة التكلفة، فإن البناء الأخضر يُعتبر خياراً استراتيجياً للشركات.
تشير الدراسات إلى أن قطاع البناء يساهم بنسبة كبيرة تصل إلى 38٪ من انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة على مستوى العالم. وفي منطقة الخليج، بما في ذلك السعودية، تشكل البصمة الكربونية الثقيلة تحدياً بيئياً كبيراً. وللحد من هذه الانبعاثات، يجب تحسين البنية التحتية واعتماد أساليب أكثر استدامة، بما في ذلك تقنيات إعادة التدوير واستخدام المواد الصديقة للبيئة.
السعودية تضع الاستدامة في مقدمة أولوياتها. تعد الحكومة البيئية والاجتماعية جزءاً لا يتجزأ من رؤية 2030، وتسعى إلى دمجها في كافة المشاريع الكبرى مثل “نيوم”، “القدية”، و”أمالا”.
تتمحور رؤية هذه المشاريع حول خلق بيئات معيشية تعزز الرفاهية الشخصية وتحقق انبعاثات كربونية صفرية، وهو ما يفتح الباب أمام شركات البناء لتكون جزءاً من هذه الرؤية الطموحة عبر تبني ممارسات البناء المستدام.
مع تزايد الحاجة إلى الاستدامة في قطاع البناء، من المتوقع أن تشهد المملكة ارتفاعاً في الطلب على المباني الخضراء. تتوقع الدراسات أن تصل قيمة السوق العالمية للبناء الأخضر إلى 364.6 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022. وعليه، فإن الشركات التي تتبنى أساليب البناء المستدام منذ الآن ستكون في موقع أفضل للنجاح مقارنةً بمنافسيها التقليديين.
هناك العديد من الفوائد الاقتصادية للبناء الأخضر. على سبيل المثال، يمكن للمباني الخضراء تحقيق:
-انخفاض تكاليف التصميم والبناء: القوانين الصارمة المتعلقة بالبناء تدفع الشركات إلى البحث عن أساليب مستدامة بتكاليف أقل.
-زيادة في قيمة الأصل: المباني التي تتمتع بمواصفات استدامة عالية تكون أكثر جاذبية للمستأجرين والمشترين.
-خفض تكاليف التشغيل: المباني الخضراء توفر تكاليف كبيرة في استهلاك الطاقة والمياه، مما يؤدي إلى تخفيض نفقات التشغيل والصيانة على المدى الطويل.
-تحسين الإنتاجية والصحة: تشير الأبحاث إلى أن المباني الخضراء تعزز من صحة ورفاهية المستخدمين، مما يساهم في تحسين الإنتاجية في بيئات العمل.
من أبرز المشاريع التي تعتمد على البناء الأخضر في المملكة:
-مشروع نيوم: يُعتبر نموذجاً للمدينة الذكية المستدامة، حيث تعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة وتستخدم تقنيات مبتكرة لتقليل الانبعاثات الكربونية.
-مشروع البحر الأحمر: هذا المشروع السياحي يهدف إلى تعزيز السياحة البيئية، ويعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة ويهدف إلى حماية البيئة الطبيعية المحيطة.
-مشروع سبارك: حديقة الملك سلمان للطاقة (سبارك) تستخدم تقنيات مستدامة لتقليل الانبعاثات وتوفير بيئة صديقة للبيئة للصناعات.
رغم الفوائد العديدة للبناء الأخضر، إلا أن هناك بعض التحديات التي يجب معالجتها، مثل التكلفة الأولية المرتفعة وقلة الوعي بضرورة هذه الممارسات. ومع ذلك، فإن التزام الحكومة السعودية بالاستدامة، والتوجه نحو تبني الابتكارات والتكنولوجيا الحديثة، يشير إلى مستقبل مشرق للبناء الأخضر في المملكة.
البناء الأخضر يمثل مستقبل البناء في السعودية، حيث يساهم في تحقيق الأهداف البيئية والاقتصادية لرؤية 2030. من خلال تبني هذه الممارسات، يمكن للشركات السعودية الاستفادة من الفرص الجديدة وتحقيق تقدم كبير في تحقيق استدامة طويلة الأمد.
يمكننا مساعدتك في تحقيق حلمك بمنزل جديد