يعد تحقيق الاستدامة المالية عنصرًا أساسيًا لنجاح أي شركة، سواء كانت شركة توظيف أو أي نوع آخر من الشركات. تضمن هذه الاستدامة قدرة الشركة على تحقيق أهدافها على المدى الطويل، و تلبية احتياجات أصحاب المصلحة، و الاستمرار في الازدهار في ظل الظروف المتغيرة. في هذا المقال سنوضح مفهوم الاستدامة المالية و عناصرها و أهميتها، كما سنسلط الضوء على برنامج الاستدامة الماليّة في السعودية.
تُشير الاستدامة المالية إلى قدرة المنظمات، سواء كانت حكومات أو شركات أو مؤسسات غير ربحية، على الحفاظ على قدرتها المالية على المدى الطويل. بعبارة أخرى، هي قدرة المنظمة على تمويل أنشطتها و تحقيق أهدافها دون تراكم الديون بشكل مفرط أو التعرض لمخاطر مالية تهدد استمراريتها.
١- الحصول على رأس المال
يُعدّ الحصول على رأس المال كافياً أمرًا ضروريًا لبدء أي مشروع توظيف و تشغيله بنجاح. يتطلب ذلك توفير رأس مال مبدئي لتمويل العمليات الأساسية و توظيف فريق العمل، بالإضافة إلى رأس مال متداول لضمان استمرارية العمليات اليومية، و رأس مال استثماري لتمويل النمو و التوسع.
يمكن للشركات الحصول على رأس المال من خلال مصادر مختلفة، مثل:
التمويل الذاتي: مناسب للشركات الراسخة ذات التدفقات النقدية القوية.
و التمويل الخارجي: و يشمل:
الأسهم: يجذب المستثمرين مقابل حصة من ملكية الشركة وأرباحها.
القروض: الحصول على تمويل من البنوك أو المؤسسات المالية الأخرى.
وكالات التمويل المتخصصة: تقدم الدعم للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة.
٢- الربحية
تُعدّ الربحية مؤشرًا هامًا على صحة الشركة واستدامتها المالية. تُشير الربحية المنخفضة إلى صعوبة تغطية النفقات و تلبية احتياجات أصحاب المصلحة، مما قد يُعيق النمو ويُهدد استمرارية الشركة. لذلك، من الضروري التركيز على تحسين الربحية من خلال:
زيادة الإيرادات: توسيع قاعدة العملاء، وتقديم خدمات جديدة، وتحسين كفاءة العمليات.
خفض التكاليف: إدارة النفقات بكفاءة، والتفاوض على شروط أفضل مع الموردين، وتحسين استخدام الموارد.
٣- التقارير المالية
تُعدّ التقارير المالية أدوات أساسية لتقييم الأداء المالي للشركة واتخاذ القرارات الاستراتيجية. تُقدم هذه التقارير معلومات حول الإيرادات و المصروفات و الأرباح و المركز المالي للشركة، مما يسمح بـ:
مراجعة الأداء المالي بانتظام: تحديد نقاط القوة والضعف، واتخاذ خطوات تصحيحية عند الحاجة.
تقييم فرص النمو: تحديد مجالات الاستثمار الواعدة، واتخاذ قرارات الاستثمار المُستنيرة.
جذب المستثمرين والدائنين: تقديم صورة واضحة عن الوضع المالي للشركة، وتعزيز الثقة في قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
٤- التخطيط المالي
يُعدّ التخطيط المالي ضروريًا لضمان استدامة الشركة على المدى الطويل. يتضمن ذلك وضع خطة عمل شاملة تُحدد أهداف الشركة واستراتيجياتها المالية، وتُوضح كيفية تحقيق هذه الأهداف. يجب أن تكون الخطة المالية مرنة و قابلة للتكيف مع التغيرات في السوق والظروف الاقتصادية، مع الحفاظ على تركيزها على تحقيق الاستدامة المالية على المدى الطويل.
تُعدّ الاستدامة المالية مفهومًا هامًا للأفراد والشركات والحكومات على حدٍّ سواء. فهي تُشير إلى القدرة على الوفاء بالالتزامات المالية الحالية و المستقبلية دون الإضرار بالقدرة على النمو و التطور.
١- على مستوى الأفراد
الأمان المالي: تُتيح الاستدامة المالية للأفراد الشعور بالأمان المالي، حيث تُمكنهم من تغطية نفقاتهم الأساسية و تحقيق أهدافهم المالية، مثل شراء منزل أو التقاعد.
الاستقرار النفسي: يُقلّل الشعور بالأمان المالي من التوتر و القلق، مما يُحسّن من الصحة النفسية للأفراد.
الفرص المستقبلية: تُتيح الاستدامة المالية للأفراد استثمار أموالهم في مشاريع جديدة أو تعليمهم، مما يُحسّن من حياتهم على المدى الطويل.
٢- و على مستوى الشركات
النمو و التوسع: تُتيح الاستدامة المالية للشركات تمويل مشاريع جديدة و توسيع نطاق أعمالها، مما يُؤدي إلى زيادة الأرباح و خلق فرص عمل جديدة.
جذب المستثمرين: تُفضّل المؤسسات المالية والشركات الاستثمار في الشركات ذات الاستقرار المالي، مما يُسهّل على الشركات الحصول على التمويل اللازم لنموها.
تحسين سمعة الشركة: تُعزّز الاستدامة المالية من سمعة الشركة وتُكسِبها ثقة العملاء و الموردين، مما يُؤدي إلى تحسين قدرتها التنافسية.
٣- على مستوى الحكومات
الخدمات العامة: تُتيح الاستدامة المالية للحكومات تقديم خدمات عامة أفضل لمواطنيها، مثل التعليم و الرعاية الصحية و البنية التحتية.
الاستقرار الاقتصادي: تُساهم الاستدامة المالية في استقرار الاقتصاد الوطني، مما يُؤدي إلى تحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
الاستقلال المالي: تُقلّل الاستدامة المالية من اعتماد الحكومات على المساعدات الخارجية، مما يُعزّز من استقلالها المالي.
يُعدّ برنامج الاستدامة المالية مبادرة استراتيجية تهدف إلى تعزيز متانة الاقتصاد السعودي على المدى الطويل من خلال تبني ممارسات مالية رشيدة و فعالة. و يهدف البرنامج إلى تحقيق التوازن المالي، و تعزيز الانضباط المالي، و تطوير منظومة المالية العامة، و ضمان استدامة الإيرادات غير النفطية. يُمثل برنامج الاستدامَة المالية نقطة تحول مهمة في مسيرة المملكة العربية السعودية نحو تحقيق الاستقرار المالي و التنمية المستدامة على المدى الطويل. و يوفر البرنامج نموذجًا يحتذى به لتعزيز صحة المالية العامة و ضمان مستقبل مزدهر للأجيال القادمة.
تشمل الإنجازات الرئيسية لبرنامج الاستدامة المالية في السعودية ما يلي:
تأسيس نظام مالي متين: تم إطلاق البرنامج عام 2016 تحت شعار “تحقيق التوازن المالي”. و قد نجح في إنشاء نظام مالي متين و قابل للتكيف مع مختلف الظروف، من خلال تنفيذ إصلاحات مالية جوهرية.
تحقيق الانضباط المالي: أدت جهود البرنامج إلى خفض العجز المالي بشكل ملحوظ، من 15.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 إلى 2.3% في عام 2021. ساهم ذلك في تعزيز الموقف المالي للمملكة و تحسين قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية.
تعزيز الاستدامَة المالية على المدى الطويل: أسهمت النجاحات التي حققها البرنامج في وضع أسس قوية لسياسات مالية مستدامة على المدى الطويل. و تشمل هذه السياسات تطوير ميزانية سنوية مدروسة و شاملة، مع مراعاة التوقعات الاقتصادية المستقبلية.
تنويع مصادر الدخل: حققت المملكة تقدمًا كبيرًا في زيادة الإيرادات غير النفطية، مما ساهم في تقليل الاعتماد على إيرادات النفط و تعزيز استقرار المالية العامة.
تمهيد الطريق لمستقبل أكثر استقرارًا: أدت جهود برنامج الاستدامَة المالية إلى تحسين جودة التخطيط المالي، مما يمهد الطريق لمستقبل أكثر استقرارًا و أمانًا للمملكة.
يمكننا مساعدتك في تحقيق حلمك بمنزل جديد